«واشنطن بوست»: المهاجرون يتصدرون مشهد إعادة الإعمار في لوس أنجلوس

«واشنطن بوست»: المهاجرون يتصدرون مشهد إعادة الإعمار في لوس أنجلوس
مهاجرون في الولايات المتحدة- أرشيف

تناول الصحفي والمذيع المكسيكي، ليون كراوز، في مقال رأي دور المهاجرين الحيوي في جهود إعادة إعمار مدينة لوس أنجلوس بعد الحرائق المدمرة التي شهدتها مؤخرًا، مستعرضا دورهم الإيجابي في الاقتصاد الأمريكي.

وأشار كراوز في مقاله المنشور بصحيفة “واشنطن بوست”، السبت، إلى أن المدينة، التي عانت من دمار هائل نتيجة الحرائق التي أذكتها رياح سانتا آنا العاتية بسرعات تجاوزت 80 ميلًا في الساعة، تجد نفسها في مواجهة تحدٍ تاريخي لإعادة البناء، وبيّن أن هذا التحدي يعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة التي تمثل العمود الفقري لصناعة البناء في كاليفورنيا.

وأكد كراوز أن الحرائق لم تترك جزءًا كبيرًا من الجهة الغربية للمدينة إلا وحولته إلى رماد، بما في ذلك معالم بارزة مثل طريق المحيط الهادئ السريع ومحيط شارع صن ست الشهير، الذي كان شاهدًا على أحلام ملايين الأمريكيين وغروب شمس كاليفورنيا الساحر.

وأضاف أن الأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية ستتطلب جهودًا مكثفة لإعادة البناء، وهو ما يضع المهاجرين في قلب هذه المهمة.

العمود الفقري لصناعة البناء

استند كراوز إلى تقرير صادر عن المجلس الأمريكي للهجرة عام 2020، حيث أوضح أن 43% من عمال البناء في كاليفورنيا هم من المهاجرين، ومعظمهم من أصول مكسيكية.

وأضاف أن هذه النسبة لا تقتصر على العمل في المشاريع البسيطة، بل تشمل مهنًا دقيقة وأساسية مثل تركيب الأسقف والجدران والبلاط، وهي أعمال تتطلب مهارات وخبرة عالية، وأشار كراوز إلى أن مساهمة المهاجرين لم تقتصر على الظروف الطبيعية، بل برزت بشكل خاص في أوقات الأزمات.

دروس مستفادة 

عرض كراوز تجارب تاريخية أثبتت أهمية العمالة المهاجرة، مثل إعصار هارفي الذي ضرب هيوستن عام 2017، في أعقاب هذا الإعصار، تجاوزت نسبة المهاجرين المشاركين في جهود إعادة الإعمار 50%، بينهم آلاف العمال غير النظاميين، ورغم ساعات العمل الطويلة والظروف القاسية، ساهموا في تسريع تعافي المدينة بشكل ملحوظ، ما جنبها التأخير الذي كان سيطيل معاناة السكان.

وكرر كراوز الإشارة إلى دور المهاجرين في كارثة إعصار إيان عام 2022، الذي دمر مناطق شاسعة في جنوب غرب فلوريدا، في تلك الكارثة، كانت المساهمة المهاجرة واضحة في مناطق مثل شاطئ فورت مايرز، الذي تعرض لدمار كامل في بعض أحيائه.

وأوضح أن جهود العمال المهاجرين كانت ضرورية لتعويض نقص العمالة وتسريع الجدول الزمني لإعادة الإعمار، مما ساهم في تقليل مدة نزوح السكان.

المهاجرون في الاقتصاد

تناول كراوز إحصائيات تشير إلى الدور المستمر للمهاجرين في الاقتصاد الأمريكي، حيث أظهرت بيانات الجمعية الوطنية لبناة المنازل أن 31% من العاملين في قطاع البناء على المستوى الوطني هم من المهاجرين، منهم 23% من العمال غير الموثقين.

وأبرز أن وظائف مثل تركيب الأسقف والجدران الداخلية تعتمد بشكل أساسي على هذه الفئة، التي تعمل في ظروف غالبًا ما تكون بعيدة عن معايير الأمان والاستقرار المهني.

تهديدات قانونية 

ناقش كراوز التحديات الإضافية التي يواجهها العمال المهاجرون، خاصة في ظل السياسات الصارمة تجاه الهجرة، وأشار إلى أن التهديدات بالترحيل وفصل الأسر تمثل عبئًا نفسيًا كبيرًا على هؤلاء العمال الذين يواصلون أداء دورهم الأساسي في بناء المدن الأمريكية.

وأشار إلى مخاوف أطفال العمال الذين يذهبون إلى مدارسهم يوميًا وهم يخشون فقدان آبائهم بسبب حملات الترحيل.

وأوضح كراوز أن مستقبل لوس أنجلوس يعتمد بشكل كبير على جهود المهاجرين في إعادة البناء، وبينما تستعد المدينة للنهوض من تحت الرماد، يبقى هؤلاء العمال في صدارة المشهد، يحملون على أكتافهم أحلام سكان المدينة بعودة الحياة إلى طبيعتها، رغم كل التحديات والضغوط التي يواجهونها.

دعوة إلى تغيير السياسات

في ختام مقاله، دعا كراوز إلى ضرورة الاعتراف بمساهمة العمالة المهاجرة في الاقتصاد الأمريكي وجهود إعادة الإعمار، وأكد أن أقل ما يمكن تقديمه لهم هو حماية قانونية تضمن لهم ولأسرهم الاستقرار والأمان.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعتمد على هؤلاء العمال في أوقات الأزمات، ومن الإنصاف أن ترد الجميل لهم من خلال سياسات إنسانية وعادلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية